responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 117
الْمَدِينَةِ اشْتَدَّ تَعَهُّدُ أَهْلِ مَكَّةَ لِأَصْحَابِهِمْ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ لِيَتَطَلَّعُوا أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَعَلَّهُمْ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ كَانُوا يَكِيدُونَ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَتَأَهَّبُونَ لِلثَّأْرِ مِنْهُمُ الَّذِي أَنْجَزُوهُ يَوْمَ أُحُدٍ. وَإِمَّا الْيَهُودُ مِنْ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ فَقَدْ حَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ [الْحَشْر: 11] .
فَالْمُرَادُ بِ بَعْضِ الْأَمْرِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي مَحْمَلِ قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ [مُحَمَّد: 25] إِفْشَاءُ بَعْضِ أَحْوَالِ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ وَإِشْعَارُهُمْ بِوَفْرَةِ عَدَدِ الْمُنَافِقِينَ وَإِنْ كَانُوا لَا يُقَاتِلُونَ لِكَرَاهَتِهِمُ الْقِتَالَ. وَالْمُرَادُ بِ بَعْضِ الْأَمْرِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي بَعْضُ أَمْرِ الْقِتَالِ، يَعْنُونَ تِلْكَ الْمَكِيدَةُ الَّتِي دَبَّرُوهَا لِلِانْخِزَالِ عَنْ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ.
وَالْأَمْرُ هُوَ: شَأْنُ الشِّرْكِ وَمَا يُلَائِمُ أَهْلَهُ، أَيْ نُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْكُفْرِ وَلَا نُطِيعُكُمْ فِي جَمِيع الشؤون لِأَنَّ ذَلِكَ يَفْضَحُ نِفَاقَهُمْ، أَوِ الْمُرَادُ فِي بَعْضِ مَا تَأْمُرُونَنَا بِهِ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ وَإِرَادَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ كَالْخَلْقِ عَلَى الْمَخْلُوقِ.
وَأَيًّا مَا كَانَ فَهُمْ قَالُوا ذَلِكَ لِلْمُشْرِكِينَ سِرًّا فَأَطْلَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ نبيئه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ إِسْرارَهُمْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ سِرٍّ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ وَخَلَفٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مصدر أسرّ.
[27]

[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 27]
فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ (27)
الْفَاءُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى جُمْلَةِ إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ [مُحَمَّد: 25] الْآيَةَ وَمَا بَيْنَهُمَا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ [مُحَمَّد: 25] بِنَاءً عَلَى الْمَحْمَلِ الْأَوَّلِ لِلِارْتِدَادِ فَيَكُونُ التَّفْرِيعُ لِبَيَانِ مَا سَيَلْحَقُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ اسْتِهْلَالٌ لِمَا يَتَوَاصَلُ مِنْ عَذَابِهِمْ عَنْ مَبْدَأِ الْمَوْتِ إِلَى اسْتِقْرَارِهِمْ فِي الْعَذَابِ الْخَالِدِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست